كان هناك امتحان عملي في مادة حشو العصب في الكلية لذلك وقفت في صالة استقبال مرضى الأسنان عن شخص يصلح لأمتحن عليه و انتقيت أحدهم بصعوبة بالغة.. الرجل كان لطيفاً في المعاملة خفيف الظل ليس من هؤلاء المرضى الذين يستغلون كونك طالباً و يعذبونك بأسئلة من باب " هو انت دكتور ؟ .. يعني هتعرف تشتغلي ؟ ... انت عايز تتدرب فيا ؟" ... لذلك حمدت الله .. الرجل صفقة حقيقية و لقطة لا تعوض .. تركته في غرفة الانتظار حتى يحين موعد الامتحان و حين حان الوقت ذهبت له لكنه اعتذر مني و أخبرني أن هناك طبيبة زميلتي اتفقت معه ..نظرت له نظرة يفهمها الذكور فقط فيما بينهم ... في سري سألته " هل أمرك التستوستيرون بهذا أيها الوغد " ... رد علي قائلاً في سره : "نعم أيها الطبيب الأحمق ".. في نفاق ابتسمت له و تمنيت له حظاً سعيداً حرك رأسه في رضا و قبول.. رغم كمية الغيظ الذي بداخلي ابتسمت و لم أنس اخباره الجملة المعتادة لنا : ألف سلامة عليك .. و تركته و رحلت .
.
فكرت فقط ما السبب الذي يدعو هذا الرجل يفضل العمل مع الطبيبة و يتركني .. حتماً ليس لأنها أكفأ مني ... لقد سحرته تلك الفتاة .. نحن في مؤسسة تعليمية و التعامل رسمي و بجدية و أي مؤسسة بنيت على العلم فمن قواعدها أنه لا فرق بين ذكر و أنثى .. لكن هناك امتحان .. و الطبيبات عندنا يكسرن هذه القاعدة في سبيل مصلحتهن .. لقد – و بطريقة غير شرعية للتعامل هنا – سحرت ذلك المريض .. أخرجت ذلك الشئ الأنثوي من داخلها .. ذلك المكنون المليء بتلك العواطف الواهنة الذي يعجز أمامه أي ذكر و تنهار جوارحه أمامه .. لقد لعبت الطبيبة لعبة لن أستطيع مباراتها فيها لكسب المريض .. لا شك أننا أعطينا جائزة تلك المباريات للأنثى منذ قديم الأزل و اعترفنا بالخسارة نحن الذكور حينذاك .. الجائزة الأزلية و الأبدية التي استحققتها عبر الزمن .. منذ الانسان الحجري الذي كان يقاتل أخاه من أجل امرأة و من يفز يستحقها .. لقد خلعت الطبيبة رداء الطب الواهن الذي لا يستطيع أن يخفي حقيقة الأنثى بالداخل و سرقت المريض مني ... هذا الموقف يحدث مراراً و مراراً في الامتحانات بل و نجعله أضحوكة أحياناً لمن خطف منه مريض رجل من قبل طبيبة زميلة ..
في أول سنة في الكلية قصة مشابهة لهذا الأمر .. كنا نمتحن على تجارب الفيزياء في المعمل .. كان يشرف على الامتحان معيد صارم أو هكذا ما اعتقدته في بادئ الأمر .. المعيد رفض أن يساعد أي منا .. بالطبع هذا امتحان .. لكن في نصف مدة الامتحان وجدته يعمل بيديه لزميلة معنا في الصف .. كل زملائي نظروا لهذا المعيد بشئ من المرارة و الحسرة و رأيت في عيونهم تساؤلات عدة منها " هل ذنبنا الوحيد أننا خلقنا ذكوراً " ... و لا شك أنني في أعماق نفسي سألت نفس السؤال ... لكن لماذا ؟

المشكلة بعد هذا كله تجد الهجوم على مجتمع الذكور قاسي لأقصى حد .. الفتيات على السوشيال ميديا يدشنّ هاشتاج #لاتدعيه_يتحكم_فيكي .. المشكلة أن مجتمع الذكور لا يرد بالفعل على هذه الاتهامات .. لأنه باختصار مجتمع "فيه اللي مكفيه" ..
في كتاب "توتة توتة" للساخر العظيم أحمد رجب يستنكر الرجل كتابات السيدة "دورثي رو" و هي كاتبة أمريكية يبدو من كتاباتها أنها كرست حياتها لمعاداة الرجل حرفياً حتى أنها كانت تسميه العدو .. يسخر أحمد رجب بذكره ملحوظة أنه فكر يوماً في أن يبعث رسالة لزوج هذه الكاتبة يقول له فيها " أعزيك على زواجك الأليم " .. السيدة كتاباتها معادية فعلاً و عنيفة الطباع .. لقد كانت تصف أمنا حواء بالمتخاذلة التي أذعنت لأبينا أدم .. فهي كما تقول أن حواء استيقظت ذات يوم لترى أمامها ذلك الكائن المخيف مفتول العضلات صاحب اللحية المرعبة و الطول الفارع الذي يقلق و من يومها و بنات حواء في خضوع للرجل .. لا أعرف لماذا مجتمع الرجال مضطهد لهذه الدرجة ... قد يكون سر قوامة الرجل التي أقرتها العناية الإلهية هي رحمة للذكور فلو تقلدت امرأة مثل "دورثي رو" منصب حاكم العالم لم يكن مستبعداً أن تحكم على كل الرجال بالاعدام و لاعترفت بالتوالد العذري على أنه الطريقة الصحيحة لاستمرار نوع البشرية دون الحاجة لذكور ... أتمنى ألا يحدث ذلك قبل أن أموت على فراشي الوثير هانئاً .. لا أفضل الموت في عصر ذبح الديوك لتحيا الفراخ البياضة .