عن نفسي معظم الأعمال الأجنبية التي أشاهدها تنحصر بين الأعمال الأمريكية و الكورية لكن من فترة صغيرة بدأت أميل أيضاً للأعمال الاسبانية ، فهي بطريقة ما جذبتني بعد مشاهدتي لفيلم الضيف الخفي و المسلسل التي عرضته شركة نتفليكس و المشهور جداً في الوطن العربي money heist و الذي يدور حول عصابة يقودها شخص يًدعى البروفيسور لسرقة بنك في أحداث درامية مشوقة للغاية .
و لذلك بدأت في تحميل بعض الافلام الاسبانية الى أن رأيت فيلم mirage أو سراب الذي تم اصداره عام 2018 و أخرجه أوريول باولو و قام ببطولته أدريانا أوجارت و ألفارو مورتي بطل مسلسل money heist ، قليلة هي الأفلام التي زلزلتني أفكارها و هذا الفيلم حمل في طيات فنياته ما زلزلني و أرعبني بحق
قصة الفيلم تدور حول فيرا التي تعيش حياة سعيدة مع زوجها و ابنتها كما أنها تعمل ممرضة في مستشفى ، تكتشف فيرا أن هناك تلفاز قديم في مسكنها و خلال عاصفة رعدية يحدث خطأ في تسلسل الزمان المكاني فتتصل فيرا بفتى في الماضي يجلس أمام تلفاز قديم ، هذا الفتى هي تعرفه فهو قد مات بالفعل و لذلك تحذره من الخروج حتى لا تصدمه السيارة ، يخاف الفتى فعلاً و لا يخرج و لا تصدمه السيارة و هنا تحدث ثغرة في الماضي تغير حياة فيرا كلها فتصحو ذات مرة لتجد أنها طبيبة و ليست ممرضة و هي لا تملك بنتاً و زوجها لم يعد زوجها ، تتعجب في البداية و تشك في عقلها لكن مع الوقت تكتشف أن هناك خللاً حدث في تسلسل الزمان المكاني و تحاول اصلاحه و في رحلة استعادته لبنتها تقابل أحداثاً غريبة و كاتبة كتبت قصة مشابهة لقصتها و تتفاقم الأحداث الى أن تصل للذروة في نهاية الأمر و اذا سألتني عن نهاية الفيلم سأشجعك على مشاهدته و أخبرك أنها نهاية سعيدة للغاية .طبعاً الفيلم ناهيك عن أنه تسبب في رعبي الا أنني أحببته و جعلني أتساءل ، هل فعلاً أريد تغيير الماضي ، بعد مشاهدتي لهذا الفيلم أنا لا أريد أي تغيير يحدث في الماضي ، من يعلم ، لربما لم أقابل صديقي المفضل لو لم أدخل الكلية التي لم أحب الالتحاق بها ، و ربما لم أكن لأصبح طبيباً الا بعد أن أحببت مادة العلوم بسبب مدرس معين أحببته ، لربما صرت مهندساً لو لم تبرحني مدرسة الرياضيات ضرباً في الصف الابتدائي
قصصت لكم فيما قبل عن حكاية تأثير الفراشة في حياتنا و كيف أن حدث صغير قد يغير مسار كل شئ ، صديق لي يحب قصص ميكي المصورة التي تصدر عن المؤسسة العربية الحديثة في مصر حكى لي ذات مرة عن قصة بطوط عندما ذهب مع عبقرينو الى الماضي في مهمة ما ، أخبره عبقرينو ألا يحاول تغيير أي شئ خلال المهمة ، عندما عادا الى الحاضر وجدا أن الدنيا خراب و عم دهب مفقود ، هنا يعرف عبقرينو أن بطوط فعل شيئاً في الماضي غير مسار كل شئ ، بطوط يعترف له أنه لم يفعل شيئاً سوى أنه التقط قشرة موز على الأرض ووضعها في سلة القمامة ، يعود عبقرينو و بطوط و يراقبان المشهد فيجدا أن زعيم عصابة القناع الأسود كان متنكراً ليخدع العم دهب و يحصل على ثروته و لكن كان مقدراً له أن ينزلق بسبب قشرة الموزة و ينكشف تنكره و تفسد مؤامرته و عندما التقطها بطوط من الماضي نجحت العملية فاضطرا للرجوع مرة أخرى و وضع القشرة مكانها .
هكذا تجد أن كل شئ في الماضي وضعك في الزمان و المكان المناسبين لتقرأ هذا الموضوع و لو تغير شئ بسيط لما كنت ستقرأه و ربما لم أكن لأكتبه .
.
